الدعوة اليمانية من منظار السنن التأريخية

بسم الله الرحمن الرحيم

الدعوة اليمانية من منظار السنن التأريخية :

الحلقة الاولى:

قال تعالى:(قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ ) .(آل عمران :137)
يعتبر القرآن الكريم ربط الماضي بالحاضر والحاضر بالماضي أمراً ضرورياً لفهم الحقائق لأن الارتباط بين هذين الزمانين يكشف عن مسؤولية الاجيال القادمة ويوقفها على واجبها وهذا يعني ان لله تعالى سنناً لاتختص بالأمم السابقة بل هي قوانين عامة تجري على الحاضرين كما جرت على الماضين.

الآية تؤكد على تتبع التأريخ وأحداثه من أجل استكشاف هذه السنن و الأعتبار بها ولهذا ورد عن الرسول محمد (ص): قال : (تؤخذون كما أخذت الأمم من قبلكم ، ذراعا بذراع ، وشبرا بشبر ، وباعاً بباع ، حتى لو أن أحداً من أولئك دخل جحر ضب لدخلتموه ).( أمالي الشيخ الطوسي : 266) .

فمن الآيات القرآنية التي أعطت وبينت هذه الحقيقة قوله تعالى لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ) .(يونس :49). وقوله تعالى :(وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ ) .(الشعراء: 208) . وقوله تعالى:(وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ ) .(الحجر:4).

ومن الملاحظ في الآيات أنّ الآجل الجَماعي انصب على الأمّة أوالقرية - أي أهل القرية- ويعود ذلك الى تفاعل الأمّة أوأهل القرية في الظلم أو العدل .

ثم أنّه بحسب العادة انّ الموت المادي الجَماعي لا يكون في وقت واحد وإنما الجماعة بوجودها المعنوي تموت ويدنو منها الأجل .وهذا النوع أشد من الأول.

والأية الثانية تؤكد أنّ الهلاك قد سبقه الإنذار وهذا ايضاً من السنن التأريخية .والآية الثالثة تشير إلى كتاب القرية أوقل كتاب الأمّة كما في قوله تعالى: (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) .(الجاثية :28 ). في قبال كتاب الفرد الذي ذكره تعالى بقوله : (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً ).(الإسراء:13).ثم نلاحظ الآية تعبّر عن محتوى الكتابين : (هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (الجاثية:29). فهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).(المجادلة:6).

والأمر المهم الذي لابد من الاشارة اليه هو أنّ السنن التأريخية لم تجري على الانسان قهراً بل تجري من تحت يده ولذا قال تعالى : (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً ).(الجن:16 ).(وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً ).(الكهف:59 ). فالقرآن يؤكد مسؤولية الإنسان على الساحة التأريخية ويعطيه دوره لذا ربطت الآية الهلاك النازل على القرى بسبب ظلمهم( لما ظلموا) وكذا الآية التي قبلها تؤكد أن الناس لو استقاموا على الطريقة التي ارادها الله تعالى لأسقاهم ماءً غدقاً. وحتى قضية الإمداد الغيبي يربطها تعالى بالحالة الإيمانية للانسان: (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ *بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ ).(آل عمران: 124 -125).

وهذا يدل على أنّ السنّة التأريخية دائماً لها ارتباط موضوعي غير قائم على أساس الصدفة إذ الصدفة لا يؤمن بها الإسلام ومن هنا كلما وجدت أسباب السنّة تحققت السنّة قال تعالى: (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً).(الأحزاب:62 ).(سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً ).(الإسراء:77 ).(وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ ).(الأنعام:34).

[/size][/center]

من طرف اصطخر السبت 29 مارس 2008 - 20:26

وفقك الله لكل خير أخي المهتدي بالقائم

الدعوة اليمانية من منظار السنن التأريخية

الدعوة اليمانية من منظار السنن التأريخية

رد: الدعوة اليمانية من منظار السنن التأريخية